بقلم : أحمد حبيب
في خضم الاحداث المتسارعة التي شهدتها البحرين بدءً من فبراير الماضي ومرورا على حجم الانتهاكات والتجاوزات التي أعلنها رئيس اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق ووصولا الى اليوم فلا يوجد ما هو واضح في الأفق من إنفراج سياسي او نقطة تحول يمكنها تصحيح الاوضاع بشكل مباشر, فالمبادرات من أي أطراف كانت لم تصل لمستوى حللة الازمة, ومفردة –الإصلاح- أصبحت من الامور التي تحتاج لتطبيقها مؤتمرات ولجان وتوجيهات تحتاج هي نفسها للجان ايضا لدراسة تنفيذ عمل اللجان الاولى!
جلالة الملك الذي أعلن في خطابه عن أسفه وألمه وخيبه أمله للتجاوزات والإنتهاكات التي قرأها السيد بسيوني امامه في حضور وسائل الاعلام المحلية والعالمية والتي على أثرها اصدر اوامره –الملك- بتطبيق التوصيات التي جائت في التقرير إلا ان بعض الإنتهاكات والتجاوزات مازالت مستمرة حيث كانت من نتائج التقرير إستخدام القوة المفرطة والغير مبررة في التعاطي مع من يحاول التعبير عن رأيه بالطرق السلمية, لكن على ارض الواقع يستمر هذا الامر عن طريق تطبيق العقاب الجماعي الذي يطال الكثير من القرى بالاستخدام المفرط للغازات المسيلة للدموع وكان آخرها في منطقة البلاد القديم, واخص بالذكر هذه المنطقة تحديدا لانها شهدت حادثة اهتزت لها قلوب العامة والامهات خاصة حيث قضت – ساجدة – حتفها! لم تسل منها قطرة دم ولم يكن بها كدمات ولم تكن بالغة لتصاب بالامراض المستعصية كالهبوط الحاد او ارتفاع ضغط الدم, حتى ان الامراض الوراثية التي يعاني منها شريحة واسعة من شعب البحرين كمرض فقر الدم المنجلي لايمكن ان نعرف انها مصابه به لأن ساجدة لم تبلغ من العمر سوى أربعة أيام ! حيث أعلن والدها ان تعرضت لحالة إختناق حادة نتيجة عدم مقدرته من عزلها عن تلك الغازات, ولانها رضيعة فلا يمكن لك ان تتخيل انها كانت تشارك في احدى المسيرات او الاعتصامات لذا فمن الطبيعي ان تكون في بيتها وتحديدا في احدى الغرف الدافئة لتحتمي من موجة البرد التي تجتاح البلاد هذه الايام, ما الذي أدخل تلك الغازات لداخل منزلها؟ هل نوافذ المنزل كانت مفتوحة في الجو البارد ام غزارة وكثافة الغازات التي يتم إغراق المنطقة بها ؟ حتى اننا كنت نشاهد تلك الغازات في بعض الصور وكانها سحابة غيم ماطرة
ساجدة بُعثت لتكون شاهدا عتيدا لحجم المأساة التي يعاني أهالي القرى من عقاب جماعي يطال الجميع والجدير هنا بالذكر ان من الاجراءات الرسمية لتصدير شهادة الميلاد للمولود تحتاج الى إسبوع في حين ان شهادة الوفاة يتم إصدارها في نفس اليوم لذا لم تحصل ساجدة على شهادة الميلاد إنما شهادة الوفاة !
وأي شهادة ؟!
هناك تعليق واحد:
حياتنا قصيرة جداً، وعند الموت لا يمكن أن نحصر ذكرياتنا الجميلة لنبتسم ونموت بسلام أو ربما لنخفف شيئاً من ألم الموت! أما الصغيرة ساجدة حُرمت من أن تسجل في كتاب المواليد ولم تعش لتتذكر شيئاً من الفرح ،، ماتت ولا تعرف من الدنيا سوى رائحة والدتها حين تضمها برفق لتنام ،، ذهبت بهدوء لقبرها الصغير بحجم ما نعيشه اليوم،، العالم يضيق علينا كالقبر وتكاد نختنق ،، ألم الوطن وألم الدنيا و قلوبنا لله شاخصة أن يفرج عنا بحق براءة الطفلة الطاهرة "ساجدة"
إرسال تعليق