الهدوء لم يكن وحدة سيد الموقف لذلك الرجل الذي كان مستنداً على مقدمة سيارته التي أركنها بمحاذاة شاطئ البحر . حيث شارك ذلك الهدوء عليلُ هواءٍ خفيف يأتي من جانبه في هبّاتٍ باردةٍ واخرى ساخنة وهي تحمل معها زفر البحر ورائحة زيت الآلات التي كانت تدفن في وقت سابق جانبا من ذلك المنظر الجميل ! غيومٌ سكبت نفسها على أفق السماء محتضنةً أطراف الشمس, فقد همت بها لكنها أبت ان يتم احتضانها بكاملها فكانت تقاوم وهي ترمي سهام اشعتها من كل تلك الثغرات المتوهجة بلون الذهب !
نزع نظارته السميكة واخرج منديلا ليمسحها واظنه فعل ذلك لعدم وضوح الرؤية لديه ولعلها دموعه التي التصقت بتلك النظارة مشوهةً ذلك المنظر الساحر
اقتربت منه بضع خُطوات, واذا بي اسمع ذلك الونين وكلمات مبهمة بصوت خافت مبحوح !
وقفت مكاني دون حراك, لم اقرر بعد ماذا سافعل, أتراجع ام امضي نحوه ؟! .. لم افكر كثيرا فقد قررت بسرعة ان اسحب ادراجي وأعود , وما إن قابلته بظهري حتى ارتفع الأنين فوقفت جامداً دون حراك ! وكانني سمعته يقول " رحماك ربي " التفت إليه فانتبه لوجودي فتظاهرت بأنني لا أنظره ولا أعيره أي اهتمام.
تقدم الرجل خطوات الى ان وصل البحر, انحنى للماء واخذ يكتب بسبابته كلمات على التراب المبتل واللامع من لون الذهب . هنا قررت انني لن اخسر شيئا اذا ما ذهبت اليه فقد تملكني الفضول وخشيت انه يحتاج الى المساعدة او يحتاج الى أُذنٍ تصغي لتلك الونات !
وبينما كنت اتقدم بخطوات متثاقله عرف انني قادمٌ له, فقام فجاة وكانه لا يراني وبسرعة ركب سيارته ومضى !
واصلت خطواتي متجها لمكانه وعيناي محدقتان على كتلة الرمال التي كان يكتب عليها وفي ذات الوقت تحرك البحر من سكونه وكأنه كان يراقب الرجل مثلي ويفعل ما افعله تماما ! وهنا تسابقنا انا والبحر للوصول الى تلك الكلمات
أنا أمد رجلي لأقصاها وهو يمد موجه لأقصاه
وصلنا معاً لكنه غلبني بأجزاء من الثانية وعند وصوله سحب معه نصف الحروف واذابها معه في رحلة عودة اذيال امواجه وما تبقى من حروف الرجل على الرمال كان هذه الجملة " على ضفافك سيدتي رسى العنفوان "
أحمد حبيب
17/04/2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق