أيها العابرون

هنا متسع للأسئلة / الكلام / الصمت / الضحك الطويل .. قوموا من سباتكم .. و اهجروا قبوركم .. سدوا ثغورَ هالاتِكم بالذِكر .. تجوَّلوا في محراب عالمي .. وتحصّنوا بإسم الله من همزات الشياطين.. وبالصلاة على رسوله وآله من عفاريتِ الجن التي تسترق السمع!
أهلا بكم أيها العابرون

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

حريةُ التعبير ونقد المُقدس



المفهوم العام لحرية التعبير تتمثل في إبداء الرأي والقناعات والأفكار دون قيود أو رقابة سواء عن طريق الكلام, الكتابة, لفن أو حتى الصمت أو أي وسيلة يمكنها إيصال الرأي للمجتمع وللعالم شريطة ان لا تتعارض هذه الحرية مع حريات الاخرين أو الإستهزاء بالأديان والمعتقدات. هذا اختصار لما يقوله فلاسفة علم الكلام وأرباب العمل الحقوقي والقانوني ولنتكلم عن بعض جوانب حرية التعبير بمفهومها السائد في مجتمعنا البحريني سنجد أن هذا المفهوم مقيد بعدة أمور منها القوانين التي وضعتها الدولة لتنظيم ممارسة هذا الحق ومنها أيضا النظرة المجتمعية والعرف السائد فيما يتعلق في محدودية هذه الحرية وضوابطها سواءً كان المجتمع ككل أو محيط العمل والدراسة أو حتى داخل المنزل.
الاختلاف في الآراء ووجهات النظر له أسبابه وتعليلاته منذ بدء الخليقة إذ يقول الله تعالى: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين . ( سورة هود 118 )

يمكن لحرية التعبير أن تكون رفضاً لمشروع أو نقدا لفكرة ويمكنها أيضاً أن تكون تأييداً لقرار, بل حتى التحفظ او الصمت يعد تعبيراً عن الرأي أيضا.

لا أحد يعترض على حرية التعبير بل الجميع يعتبرها حقاً طبيعياً لكل إنسان لكن الفارق هنا في كيفية تطبيق هذا الحق وفي كيفية التعامل معه خصوصا إذا ما كان هذا الحق يتعارض مع مصلحةٍ شخصية أو يشكل ضرراً اجتماعياً أو تقييماً لوضعٍ سياسي بالسلب او الإيجاب.

لك رأي ؟ إذاً أنت موجود ! ليس لك رأي ؟! إذاً أنت لست إنساناً إنما أي شيء آخر يستغله من هم حولك لمعركة وجودهم ! بهذه الجملة استهللت مجموعة من التغريدات كتبتها على موقع التواصل الاجتماعي –تويتر- وسببت لي الكثير من الانتقادات الحادة واللاذعة وصل بعضها للتخوين والتسقيط! وفي الحقيقة إن ما كتبته لم يكن أكثر من رأي شخصي في حرية التعبير نفسها, والتي أراها منوطة بكيفية تقبل القارئ لهذه الفكرة وترجمته لها من واقع ما نعيشه من قناعات بأن هناك حدوداً لا يمكن تجاوزها حتى لو خالف ذلك العقل ! فالبعض مثلا يمتعض من إبداء الرأي من قبل الولد لوالده في المنزل على اعتبار ان هذا تصرف غير لائق ! وآخر يرفض إبداء الرأي لمدرس في المدرسة او مدير في العمل لنفس السبب حتى لو كان هذا الرأي هو الصائب, وآخر أيضا يعتبر ابداء الرأي او نقد الساسة يدخل في جملة من المحظورات التي تحدد الموقف ( مع أو ضد ) حتى لو كان رأيك لهدف التصحيح لا أكثر, اما المعضلة الكبرى فهي إبداء الرأي وانتقاد موقف او معارضة رأي عالم الدين! ولا اقصد هنا انتقاد فتوى او إبداء رأي معارض لتشريع فقهي فذلك مبحث آخر لكن اقصد هنا انتقاد آراء عالم الدين الاجتماعية والادبية السياسية وغيرها, وبما أنه لا أحد على الإطلاق يملك الصوابية المطلقة في فهم كل ما يدور على هذه الأرض إذاً ما المانع من النقد ؟! خصوصا اذا كان هذا النقد يعزز من الرأي ويسد كل ما هو سلبيٌ فيه لتتم اعادة صياغته ليظهر بمظهر الرأي المتكامل والسديد ! وما يبعث على الاستغراب هنا ان البعض يعتبر التأييد للفكرة والرأي حريةَ تعبير ونقده ومعارضته يعتبرها خارجة عن الأدب والأخلاق!

بمجرد ان تعطي نفسك الحق في ابداء الرأي والنقد فأنت بذلك قبلتَ ان تتقبل آراء الآخرين لذا لا ترفض على نفسك ما تطالب به غيرك وحتي تضع لنفسك حدوداً منطقية لدرجات ومستويات النقد لتتأكد أولاً أن الصوابية المطلقة متمثلة فقط بكلام الله في قرآنه المنزل ونبيه المرسل والإمام المعصوم وما دون ذلك كله قابل للنقد.

أحمد حبيب